العراب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العراب


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص هادفة: الشرف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hrson ford
مقاتل
مقاتل
hrson ford


عدد الرسائل : 265
تاريخ التسجيل : 23/09/2006

قصص هادفة: الشرف Empty
مُساهمةموضوع: قصص هادفة: الشرف   قصص هادفة: الشرف Icon_minitimeسبتمبر 26th 2006, 11:18

الشرف
لو فهم الناس معنى الشرف لأصبحوا كلهم شرفاء.
ما من عامل يعمل في هذه الحياة إلا وهو يطلب في عمله الشرف الذي يتصوره، يقتل القاتل وفي اعتقاده أن الشرف في أن ينتقم لنفسه أو عرضه بإراقة هذه الكمية من الدم، ولا يبالي أن يسميه القانون بعد ذلك مجرماً؛ لأن البيئة التي يعيش فيها لا توافق على هذه التسمية؛ وهي في نظره أعدل من القانون حكماً، وأصدق قولاً.



يفسق الفاسق وفي اعتقاده أنه قد نفض عن نفسه بعمله هذا غبار الخمول والبله الذي يضّل الأعِفاء والمستقيمين، وأنه استطاع أن يعمل عملاً لا يقدم عليه إلا كل ذي حذق وبراعة، وشجاعة وإقدام.
يسرق السارق ويزور المزور ويخون الخائن، وفي اعتقاد كل منهم ان الشرف كل الشرف في إحراز المال وان كان السبيل إليه دنيئاً وسافلاً، وإن للذهب رنيناً تخفت بجانب صوته أصوات المعترضين والناقدين شيئاً فشيئاً ثم تنقطع حتى لا يسمع بجانبه صوت سواه.
هكذا يتصور الأدنياء أنهم شرفاء، وهكذا يطلبون الشرف ويخطئون مكانه، وما أفسد عليهم تصورهم إلا الذين احاطوا بهم من سجرائهم وخلطائهم وذوي جامعتهم؛ أولئك الذين يحتقرون الموتور حتى يغسل الدم بالدم فيعظمونه، وينعون على الرجل العف المستقيم بلاهته وخموله حتى يفجر ويستهتر فيطرونه ويجلونه، ويكرمون صاحب الذهب، ولو أن كل دينار من دنانيره محجم من الدم، واولئك الذين يسمون الفقير سافلاً، وطيب القلب مغفلاً، وطاهر السرير بليداً، والحليم عاجزاً.
لا تعجب أن سمعت ان جماعة الأغنياء الجهلاء تنعكس في ادمغتهم صور الحقائق حتى تلبس في نظرهم ثوباً غير ثوبها، وتتراءى في لون غير لونها، فإن بين الخاصة الذين نعتد بعقولهم ونمتدح أفهامهم ومداركهم من لا يفرق بين الرذيلة والفضيلة، حتى ليكاد يفخر بالأولى ويستحي من الأخرى.
لولا فساد التصور ما افتخر قائد يالجيش بأنه قتل مائة ألف من النفوس البشرية في حرب لا يدافع فيها عن فضيلة، ولا يؤيد بها حقاً من الحقوق الشرعية أو الاجتماعية، ولولا فساد التصور ما وضع المؤرخون اسم ذلك السفاح بجانب أسماء العلماء والحكماء والأطباء خدمة الإنسانية وحملة عرشها وأصحاب الأيادي البيضاء عليها في سطر واحد من صحيفة واحدة، ولولا فساد التصور ما جلس القاضي المرتشي فوق كرسي القضاء يفتل شاربه ويصعر خديه، وينظر نظرات الاحتقار والازدراء إلى المتهم الواقف بين يديه موقف الضراعة والذل، ولا ذنب له عنده إلا أنه جاع وضاقت به مذاهب العيش فسرق درهماً، وهو يسرق الدنانير في جميع أنائه وأوقاته. ولولاه لما توهم اللص الكبير أنه أشرف من هذا اللص الصغير، ولو باتا عند قدريهما لوقفا معاً في موقف واحد أمام قاض عادل يحكم بإدانة الأولى لأنه سرق مختاراً ليرفه عيشه، وبراءة الثاني، لأنه سرق مضطراً لينقذ حياته من براثن الموت.
فمن شاء ان يهذب أخلاق الناس، ويقوم معوجها، فليهذب تصوراتهم وليقوم أفهامهم، يوافه ما يريد من التهذيب والتقويم.
ليس الرأي من أن يشير المعلم على المتعلم أن يجعل هذا المجتمع الإنسان ميزاناً يزن به أعماله أو مرآة يرى فيها حسناته وسيئاته، فالمجتمع الإنساني مصاب بالسقم في فهمه والاضطراب في تصويره، فلا عبرة بحكمه، ولا ثقة بوزنه وتقديره.
ليس من الرأي أن يرشد المعلم المتعلم إلى أن يطلب في حياته الشرف الاعتباري فليس كل ما يعتبره الناس شرفاً هو في الحقيقة كذلك.
ألا تراهم يعدون أشرف الشرف أن يتناول الرجل من الملك قطعة من الفضة أو الذهب أو يحلي بها صدره، وربما كانوا يعلمون أنه ابتاعها بماله، كما تبتاع المرأة من الجوهري حليتها؟
لا شرف إلا الشرف الحقيقي، وهو الذي يناله الإنسان ببذل حياته أو ماله أو راحته في خدمة المجتمع البشري جميعه أو خدمة نوع من أنواعه.
فالعالم شريف، لأنه يجلو صدأ العقل الإنساني ويصقل مرآته؛ والمجاهد في سبيل الذود عن وطنه شريف، لأنه يحمي مواطنيه غائلة الأعداء ويقيهم عادية الفناء؛ والمحسن الذي يضع الإحسان في موضعه شريف لأنه يأخذ بأيدي الضعفاء ويحيي أنفس البائسين؛ والحاكم العادل شريف، لأنه رسول العناية الإلهية إلى المظلومين يمنعهم أن يبغي عليهم الظالمون؛ وصاحب الأخلاق الكريمة شريف لأنه يؤثر بكرم أخلاقه وجمال صفاته في عشرائه وخلطائه، ويلقي عليهم بالقدوة الصالحة أفضل درس من الأخلاق والآداب، والصانع والزارع والتاجر أشراف متى كانوا أمناء مستقيمين، لأنهم هم الذين يحملون على عواتقهم هذا المجتمع البشري ويحتملون في سبيل ذلك ما يحتملون من المؤنة والمشقة حذراً عليه من التهافت والسقوط.
فإن رأيت في نفسك أيها القارئ أنك واحد من هؤلاء، فاعلم أنك شريف وإلا فاسلك طريقهم جهدك، فإن لم تبلغ غاية فأخذ القليل خير من ترك الكثير، فإن لم يكن هذا ولا ذاك فلتبك على عقلك البواكي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص هادفة: الشرف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصص هادفة: الرحمة
» قصص هادفة: الفقر
» قصص هادفة: أين الفضيلة
» قصص هادفة: الانتحار
» قصص هادفة: الكذب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العراب :: القسم الاسلامي :: منتدى الاحاديث والشروحات الاسلاميه-
انتقل الى: