العراب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العراب


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص هادفة: الانتحار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hrson ford
مقاتل
مقاتل
hrson ford


عدد الرسائل : 265
تاريخ التسجيل : 23/09/2006

قصص هادفة: الانتحار Empty
مُساهمةموضوع: قصص هادفة: الانتحار   قصص هادفة: الانتحار Icon_minitimeسبتمبر 26th 2006, 11:22

الانتحار
في كل موسم من مواسم الامتحان المدرسي نسمع بكثير من حوادث الانتحار بين المتخلفين من التلاميذ والراسبين، ولو ربي التلميذ تربية دينية لما هان عليه أن يخسر سعادته الأخروية خسراناً مبيناً أسفاً على أن لم ينل كل حظه من السعادة الدنيوية، ولو ربي تربية أدبية لما احتقر حياته الثمينة وازدراها ولوى وجهه عنها لأنها لم تقدم إليه في لفافة الشهادة المدرسية.





ولو أن أستاذه ملأ قلبه بنور الإيمان ولقنه فيما يلقنه من قواعد الدين وأحكامه: إن جناية المرء على نفسه أكبر إثماً عند الله وأعظم جرماً من جنايته على غيره، لما خطر بدينه في آخر ساعة من ساعات حياته، وهي الساعة التي ينيب فيها العاصي إلى ربه، ويستغفر فيها المذنب من ذنبه. ولو أنه لقنه فيما يلقنه من دروس الأخلاق والآداب إن العلم صفة من صفات الكمال لا سلعة من سلع التجارة يجب أن ينظر إليه طالبه من حيث ذاته؛ لا من حيث كونه وسيلة من وسائل العيش، لما جرى عليه القاعدة الفاسدة، "والشهادة بلا علم خير من العلم بلا شهادة" ولو أنه رباه على الاستقلال الذاتي وعلمه أن الشرف في هذه الحياة على قدر ما يبذل الإنسان من الجهد في خدمة الأمة أو المجتمع سواء أكان في قصر الملك أم في دار الوزارة، وفي حانوت التجارة، أم في معمل الصناعة، لما أكبر مناصب الحكومة هذا الإكبار، ولا احتفل بها احتفال من لا يرى للحياة معنى بدونها، ولو أنه نفث في روعه روح الشجاعة النفسية وعودة الصبر والجلد في مواقف الشدة والبلاء، لما جزع هذا الجزع الفاضح، ولا جن هذا الجنون الذي خيل إليه ان عذاب النزع أهون من عذاب الهم.

لا يجني الطالب على نفسه؛ وإنما يجني عليه والده وأستاذه والمجتمع الذي يعيش فيه.
أما الوالد فإنه يقول له وهو ذاهب به إلى المدرسة: ستكون غداً يا بني مديراً كهذا المدير، ووزيراً كهذا الوزير؛ وكلما أراد أن يحضه على الاجتهاد في طلب العلم ويخوفه عاقبة فشله في الامتحان صور له المستقبل المجرد من الوظيفة أقبح تصوير وأشنعه؛ وربما أشار عليه بالانتحار من طرف خفي فيقول له: إذا لم تنجح في الامتحان فموتك أفضل من حياتك، أما الاستاذ فإنه يضرب له من نفسه مثلاً على وجود احترام المنصب وإجلاله وإنزاله المنزلة الأولى بين أعمال المجتمع الإنساني، إذ يراه بعينه يتجرع مرارة الذل، ويعاني من كبرياء رؤسائه وقسوة المسيطرين عليه عناء شديداً؛ ويحتمل من ذلك ما لا يحتمله الرجل الشريف، حرصاً على منصبه وإرعاء عليه. فكأنما يلقي عليه درساً عملياً موضوعه "ان يخاطر بمنصبه يخاطر بحياته، لأن المنصب كل شيء في هذه الحياة"؛ أما المجتمع فإنه يحترم الموظف الصغير، أكثر مما يحترم العالم الكبير، ويطير إلى تهنئته بإقبال المنصب عليه وتعزيته يوم إدباره عنه؛ كأن الكوكب لا يدور إلا في دائرة المناصب نحوساً وسعوداً؛ فإذا رأى الناشيء ذلك أكبر الوظيفة أيما إكبار؛ ولج به الحرص عليها والتصق بها وكان سروره وحزنه على قدر قربها منه، أو بعدها عنه؛ فإذا وفق إليها لطم بأنفه قبة السماء. وداس بنعله هام الجوزاء، وان يئس منها قتل نفسه وهو يتمثل بقول الشاعر الأحمق:
فإما الثريا وإما الثرى
أيها الناشيء: لقد جهل أبوك، وغشك استاذك، وخدعك هذا المجتمع الفاسد، فكن أحسن حالاً منهم، فكن أحسن حالاً منهم، واعلم أن شرف العلم أكبر من شرف المنصب. وان المنصب ما كان شريفاً إلا لأنه حسنة من حسنات العلم، وأثر من آثاره، فإن فاتك حظك منه فلا تحفل به، فهو أحقر من أن تشتد في أثره، أو تبذل حياتك وجداً عليه، ولا تحسد ارباب المناصب على مناصبهم؛ فإنما هم يخدعونك بزخرف من القول، وظاهر من النعمة، وبهرج من الابتسام؛ ووراء ذلك لو علمت قلب يقطر دماً، وفؤاد يضطرم لوعة وأسى.
خذ لنفسك حظها من العلم والادب، ولا تحف بعد ذلك بشيء فقد ربحت كل شيء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص هادفة: الانتحار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العراب :: القسم الاسلامي :: منتدى الاحاديث والشروحات الاسلاميه-
انتقل الى: