العراب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العراب


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قضايا الأسرة: تربية الأولاد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hrson ford
مقاتل
مقاتل
hrson ford


عدد الرسائل : 265
تاريخ التسجيل : 23/09/2006

قضايا الأسرة: تربية الأولاد Empty
مُساهمةموضوع: قضايا الأسرة: تربية الأولاد   قضايا الأسرة: تربية الأولاد Icon_minitimeسبتمبر 26th 2006, 11:40

تربية الأولاد ـ القسم الثاني

الاهتمام ببعدي الإنسان

لو أردنا أن نقرب فكرة اهتمام الإنسان بالبعدين الروحي والجسدي المكونين له، وضرورة الموازنة بين احتياجاتهما، فيمكن أن نقرب ذلك بمثالين:



سائق السيارة عليه أن يراعي قواعد الأمان في سيارته، وأن لا يغفل عن احتياجاتها من دهن إلى بنزين إلى تصليح، وفي نفس الوقت ينبغي له أن يكون هو نفسه منتبهاً يقظاً، وإلا فلو وقع لحظة واحدة أسير الغفلة أو ضحية النوم لانتهى هو وسيارته إلى المصير الذي نعرفه.
وكذلك الحال لو أهمل مراعاة قواعد الأمان والصيانة في السيارة، فإنه وسيارته سيكونان كذلك ضحية هذا الإهمال.
إذن فإن عدم موازنة سائق السيارة بين مراعاة قواعد الأمان والصيانة، وبين يقظته وحذره وهو يجلس في مقعد القيادة سوف يقوده ذلك إلى مصير أسود.
ونفس هذا التوازن يبرز واضحاً في مثال تطويع "الفيل" إذ من المعروف أن "الفيل" يطوّع بأن يطرق سائسه ومربيه على رأسه بمضرب خاص بعد أن يمتطي ظهره.
والملاحظ أن هذا المربي لو غفل لحظة واحدة عن عملية الطرق المنظم على رأس "الفيل" فسيكون مصيره ومصير "الفيل" إلى السقوط والدمار، بل عليه أن يبقى حذراً منتبهاً إلى أن تنتهي العملية.
نفس درجة التيقظ والحذر ـ بل وأكثر ـ مطلوبة في مراعاة الإنسان لبعديه الروحي والمادي والموازنة بين مقتضياتهما.
فالإنسان الذي ينشد السعادة عليه أن يراقب احتياجات البعد المادي ـ الجسدي في وجوده، لأن الإسلام لا يؤمن بقتل الغرائز، ويحرم القضاء على الميول والرغبات كما يقوم به بعض المرتاضين من أعمال عنيفة يعذبون بها الجسد!
إن مثل هذه الاساليب الشاذة محرمة إسلامياً، وإن على الإنسان أن يستجيب لنداء غرائزه ويلبي حاجة ميوله الفطرية بالحدود التي اباحتها تعاليم الدين. وعليه في نفس الوقت أن يلبي احتياجات جسده، فالشاب الذي يجد في نفسه ميولاً نحو الزواج واستعداداً له على أبويه المبادرة بتزويجه، وإذا تخلف الوالدان عن هذه المسؤولية فإن واجب القيام بها يتحول إلى وظيفة اجتماعية تقوم على عاتق المجتمع، حيث يقول تعالى: (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله). [النور: 32]
إذاً فثمة وظيفة اجتماعية إزاء الشباب والشابات فيما يتعلق بتلبية حاجاتهما إلى الزواج لو عجز الوالدان أو قصَّراً في ذلك.
إن الإنسان الذي يحرم نفسه من الزواج إنما يصارع نداء الفطرة والغريزة فيه، وهو محرم من وجهة نظر الإسلام. وكذلك الحال بالنسبة للذي يعتمد أسلوب التجويع المستمر لجسده، فالإسلام لم يحرم اللذة وإنما حرم الإفراط فيها، يقول تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين). [الأعراف: 31]
إن على الإنسان الذي يرتاد المجتمع أن يظهر بهيئة لائقة وملابس مناسبة. وكذلك بالنسبة لاحتياجات الجسد من أكل وشرب، إذ لا يحدها من هذه الزاوية سوى حد الإفراط والإسراف.
وفي هذا الإطار نلتقي مع نموذج نبوي رائع في دفع المسلمين باتجاه هذه الموازنة بين مقتضيات البعدين، حيث نقرأ في السيرة النبوية أن أمرأة عثمان بن مظعون ـ الصحابي الجليل ـ جاءت إلى رسول الله (ص) فقالت: يا رسول الله، إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل، فخرج رسول الله (ص) مغضباً يحمل نعليه حتى جاء إلى عثمان فوجده يصلي، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله (ص)، فقال له: "يا عثمان، لم يرسلني الله بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفية السمحة، أصوم، وأصلي، وألمس أهلي، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح". [وسائل الشيعة: 14: 74].
وهكذا يتضح أن الإسلام يوصي بالموازنة بين البعدين، إذ على الإنسان أن يلبي احتياجات الجسد في نفس الوقت الذي يغذي فيه الروح بما يقوم وجودها، من صلاة وصوم وعبادات وعلم وإنفاق، وإنماء لروح البذل والتعاون إزاء الآخرين.
وبكلمة موجزة: ينبغي أن نراعي حاجات الروح والجسد جنباً إلى جنب، كي تستطيع الروح أن ترقى إلى آفاقها العالية.
ومثل هذا الإنسان هو الإنسان السعيد من وجهة نظر الإسلام.
أما قول البعض بمبدأ "أصالة اللذة" واعتبارها أساساً في حياة الإنسان وحركة المجتمع، فهو مما لا يقره الإسلام ولا يرضى به.
إن عالم اليوم الذي ينادي بسعادة البشر على أساس أصالة اللذة من نوم أو أكل أو شرب أو جنس، يجافي التركيب الثنائي للإنسان، ويفرط باللذة إلى أبعد من حدودها الطبيعية.
إن مثل هذا الأسلوب يحول حياة الإنسان إلى عذاب دائم وألم وعبث مستمر، وهو خسران في الدنيا والآخرة.
إن الغرب ـ وخصوصاً أمريكا اليوم ـ تنحدر في مهاوي الفساد والعبث، وتغطس في وحل الشهوات، وتتهاوى فيها القيم الإنسانية، والإنسان هناك يصرخ ولا مجيب.
إن كل ذلك إنما يعتمد في فلسفته على مبدأ "أصالة اللذاة" في بعدها الواحد.
نفس هذا الواقع المر نلحظه بالنسبة لمن يرى السعادة محصورة في المال والثراء، أو عموم البعد الاقتصادي، إذ يرى أصحاب هذه النظرة أن سعادة الإنسان والمجتمع تكمن في المكنة المالية والرفاه الاقتصادي فقط.
وهذه النظرة من وجهة نظر الإسلام قاصرة وخاطئة.
الإسلام لا يرفض الرفاه المالي والاقتصادي، بل يراه أحد عوامل السعادة العامة في حياة الإنسان والمجتمع من خلال ما يقوم به من وظيفة.
أما من يذهب إلى "أصالة النفس" (مقابل أصالة اللذائذ المادية) وينظر إلى سعادة الإنسان من خلال ذلك، فهو أيضاً على خطأ. إذ لا معنى لحياة الإنسان بالروح دون الجسد، وإلا فسينتهي مصيره إلى نفس مصير تلك النماذج الشاذة التي نسمع بها أو نراها من المرتاضين وأصحاب الرياضات الجسمية العنيفة، الذين يعتمدون في حياتهم على إيلام الجسد وإيذاءه بحجة تصعيد حالة الروح والإرتقاء بها.
الإسلام يؤكد دعوته في ثنائية تكون الإنسان من بعدين، ويخاطبنا مجدداً بقول الله تعالى:
(واتبع فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا). [القصص: 77]
إن الإنسان الذي يرفل بالنعم المادية إنما منحها الله له لتكون وسيلته إلى الدار الآخرة، لذلك يصور لنا الإمام الحسن (ع) سبط رسول الله (ص) هذه الحالة من التوازن بقوله: "كن لدنياك كأنك تعيش أبداً، وكن لآخرتك كأنك تموت غدا".
إن سبيل الفلاح والنجاح يكمن في الجمع بين مقتضيات الروح والجسد، وبين الحياة الدنيا والحياة الأخرى، بينما يبقى الهدف هو الرضوان الإلهي.
والآن نعود إلى ما لا يتعلق ببحثنا، لنرى أن الإنسان المسلم مدعو ـ قبل أن تنعقد النطفة ـ إلى أن يكون مسؤولاً في التفكير بطفله من زاوية هذين البعدين وأن يخطط لمستقبله ومصيره على ضوء الحياتين الدنيوية والأخروية.

الثمرة التربوية للتوازن بين البعدين
لا تنحصر التربية بأداء الأولاد للصلاة والالتزام بأحكام الدين وحسب، وهي لا تنحصر كذلك في الحرص على المستوى الدراسي والشهادات العالية لهم، أو تأمين مستقبلهم الاقتصادي والمادي، وإنما تعني الجمع بين الطريقتين بلا إفراط أو تفريط، حتى لا يكون الأب أو الإبن مصداقاً لمن "خسر الدنيا والآخرة".
إن الإسلام الذي يدعو الإنسان للحرص على مصدر طعامه وشرابه في أن لا تخالطه شبهة أو حرام، يدعوه أيضاً إلى أن يتناول الأكل المفيد النافع قبل ممارسة الاتصال الجنسي وانعقاد النطفة، لما لهذا الأكل من فائدة في تقويم بنية سليمة للجنين في بطن أمه، تؤدي إلى وليد سليم معافى.
والإسلام الذي يدعو الأم الحامل إلى أن تجتنب ـ أثناء الحمل ـ المحرمات التي ينعكس تأثيرها على الجنين مباشرة، ويدعوها إلى ترك الغيبة ومراعاة موازين العفة وأحكامها، كي تمهد بذلك الأرضية السليمة للطفل المعافى السليم الذي يجمع إلى جنب السلامة الجسدية سلامة روحية نفسية موازية، هو نفسه يدعوها إلى الاهتمام المميز بأكلها، وأن تنظم غذاءها وفق برنامج خاص يستهدف تحقيق سلامة الطفل الجسدية، فتذكر الأحاديث هنا ما للتفاح والكمثرى والمشمس وأنواع المآكل الآخرى من أثر في مستقبل البنية الجسدية.
ثم تستمر وصايا الإسلام في خطّيها المتوازيين، أي في رعاية شروط السلامة المعنوية والجسدية للطفل بعد ولادته، إذ في الوقت الذي يحث فيه الإسلام على ضرورة تغذية الوليد من لبن أمة كشرط للسلامة الجسدية والنفسية، يوصيها بآداب خاصة في ذلك كالوضوء قبل تغذية الطفل وإرضاعه بلبنها. وواضح أن هذه الآداب ـ من مراعاة حالة الوضوء وغيرها ـ تدخل في شروط البناء المعنوي للطفل وتهيئ له الأرضية المناسبة لمستقبله السعيد.
من جهة ثانية يوصي الإسلام الأب بضرورة أن يراعي شروط الحلال في تحصيل لقمة العيش ومصادر الرزق، كي يطعم الطفل من الحلال الخالص، لما لذلك من أثر على سلامته النفسية والمعنوية.
إن روح الاهتمام هذه لا تغيب أبداً في اشواط ومراحل حياة الطفل المختلفة، وفي خطّيها المذكورين اللذين يغذيان احتياجات البعدين الروحي والجسدي في وجوده وحياته، فإلى جنب وصايا الاهتمام بغذائه وملابسه يوصي الإسلام الوالدين بمراعاة الشروط المعنوية في البناء الخاص داخل الأسرة (كالصلاة وتعلم الشهادة) والبناء العام داخل المجتمع، إذ يفرض عليهما مسؤولية مراقبة علاقات أولادهما ونوع الرفاق المحيطين بهم، وكذلك التدقيق في عاداتهم وسلوكهم وملاحظة ما يمكن أن يظهر من سلبيات وأعمال سيئة، كي تعالج بشكل مبكر، وكي لا ترافقه في مراحل حياته الأخرى عندما يبلغ ويكبر.
نفس الحالة تستمر في سن الفتوة، حتى إذا انتقل الأولاد إلى مرحلة البلوغ والتكليف تتضاعف واجبات الوالدين إزاءهم.
وبعد هذه المرحلة تتحول مسؤولية الوالدين باتجاه تأمين العائلة والأسرة الصالحة لأولادهما، إذا أظهروا رغبة في الزواج متجاهلين كل الشروط العرفية الثقيلة من قضايا مادية مفرطة إلى مواصفات واشتراطات غير معقولة.
جاء الإسلام بقضية الزواج ليخترق ويسحق حلقات العرف الاجتماعي البالي ويؤسس فهماً جديداً.
وفي هذا الإطار نقرأ في السيرة النبوية أن جبرائيل نزل على النبي (ص) فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام، ويقول: إن الأبكار من النساء بمنزلة الثمر على الشجر، فإذا أينع فلا دواء له إلا اجتناؤه وإلا أفسدته الشمس وغيرته الريح، وإن الأبكار إذا أدركن ما تدرك النساء فلا دواء لهنّ إلا البعول وإلا لم يؤمن عليهنّ الفتنة.
فصعد رسول الله (ص) المنبر فخطب الناس ثم أعلمهم ما أمرهم الله به. فقالوا: ممن يا رسول الله؟ فقال: الأكفاء.
فقالوا: ومن الأكفاء؟
فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض. [بحار الأنوار 103: 371].
ويروي بعضهم أنه (ص) كرر: "المؤمنون بعضهم أكفاء بعض" ثلاث مرات [سفينة البحار 2: 610].
وفي مكان آخر جاء عنه قوله (ص): "إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، وإلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
أما ما يشاع اليوم من تكلف في الاستعداد المادي للزواج، ومن غلاء المهور وارتفاعها، ومن عادات اجتماعية خاطئة في المباهات والتفاخر بالأثاث والتنافس فيه مع الآخرين، فهي كلها معوقات عرفية تجاوزتها تعاليم الشريعة السمحاء.
إن الشاب الذي يعيش في هذا المجتمع بعاداته وتقاليده، عندما يريد أن يفكر بأثاث الطفل، فإن ذلك يثنيه ويردعه عن الزواج، فكيف إذا فكر بالأمور الأخرى التي تتعلق بالمهر والأثاث والبيت في منظور هذه المقاييس الخاطئة التي تحكم مجتمعاتنا؟!
وهذا الكلام لا يعني بحال من الأحوال إهمال المستلزمات المادية للحياة الزوجية، بل يعني ضرورة مراعاة الحد الوسط، والتقيد بشروط الدين والدنيا معاً في اختيار الزوج أو الزوجة.
أما إذا حرص المرء على تزويج ابنته من صاحب سلطة ومقام، دون أن يترافق ذلك مع امتلاكه للدين والأخلاق، فقد جنى على ابنته ودمر حياتها. وكذلك إذا زوجت البنت من شخص يفتقد صفات الحب والأنس والمودة، وأعطيت له لمجرد مركزه المالي والاجتماعي، فسينتظرها المصير السيئ والحياة الشقية التعيسة.
كذلك الحال بالنسبة لمن يتزوج البنت من أجل مالها أو جمالها أو مركزها الاجتماعي والاقتصادي من خلال وضع أبيها ومركز عائلتها في ذلك، فإنه لا يأنس بالعشرة الهنيئة معها ولا يحصد سوى التعب والمشقة والأذى.
لذلك ينبغي للطرفين حسن الاختيار، وعلى الوالدين تحمُّل مسؤوليتهما في المساعدة على الاختيار الصحيح، وفي غير ذلك فإن الأب يقطع رحمه بيده ـ حسب تصريح الروايات ـ إذا تهاون في شروط الاختيار الصحيح لولده أو لبنته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قضايا الأسرة: تربية الأولاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العراب :: القسم الاسلامي :: منتدى الاحاديث والشروحات الاسلاميه-
انتقل الى: